2025-09-22 04:59:27
قبل ثلاثة عقود بالضبط، استغل الحارس الأسطوري بيتر شمايكل ثغرة في قوانين اللعبة، غيراً مسار بطولة أمم أوروبا 1992 وغير قواعد كرة القدم العالمية إلى الأبد. في تلك البطولة الاستثنائية، قدم المنتخب الدنماركي أحد أعظم المفاجآت في تاريخ كرة القدم الأوروبية، لكن قصة شمايكل مع القوانين كانت الأكثر تأثيراً على المدى الطويل.
جاءت مشاركة الدنمارك في البطولة بمحض الصدفة، بعد استبعاد يوغوسلافيا بسبب الحرب الأهلية. لكن ما حدث بعد ذلك كان أقرب إلى المعجزة. تمكن المنتخب الدنماركي من تحقيق انتصارات متتالية أمام فرق مرموقة، ليتوج بطلاً لأوروبا بعد الفوز على ألمانيا في النهائي بنتيجة 2-0.
اللافت في هذه القصة هو الطريقة التي استخدمها شمايكل في إضاعة الوقت. كان الحارس الدنماركي يتعمد استلام التمريرات الخلفية من زملائه، وانتظار وصول اللاعبين المنافسين قبل التقاط الكرة بيديه، مما كان يضيع دقائق ثمينة من عمر المباراة. كرر شمايكل هذه الخطة بشكل منهجي، خاصة في المباراة النهائية أمام ألمانيا، حيث كان يمرر الكرة لزميله ثم يستعيدها مرة أخرى، مجبراً نجوم مثل يورغن كلينسمان على الركض ورائه دون جدوى.
هذه التكتيكات لم تمر مرور الكرام. فقد كانت كرة القدم العالمية تعاني بالفعل من مشكلة إضاعة الوقت، خاصة بعد كأس العالم 1990 في إيطاليا، الذي شهد أدنى معدل تهديفي في تاريخ البطولة (2.2 هدف في المباراة). لكن ما فعله شمايكل في يورو 1992 كان القشة التي قصمت ظهر البعير.
ردة الفيفا كانت سريعة وحاسمة. في يونيو 1992، مباشرة بعد البطولة الأوروبية، فرض الاتحاد الدولي لكرة القدم قانوناً جديداً يمنع حراس المرمى من التقاط التمريرات الخلفية بأيديهم. دخل القانون حيز التنفيذ بداية من الموسم الكروي 1992-1993، وهو نفس توقيت انطلاق الدوري الإنجليزي الممتاز بشكله الجديد.
التغيير أحدث ثورة حقيقية في اللعبة. فجأة، أصبح الحراس مضطرين لاستخدام أقدامهم في التعامل مع الكرات المرتدة، بينما وجد المدافعون أنفسهم في مواقف صعبة تتطلب مهارات جديدة في التمرير والتحكم. المهاجمون بدورهم أصبحوا يضغطون بشكل أكثر فعالية على حراس المرمى الذين فقدوا امتيازهم السابق.
النتائج كانت مذهلة. في كأس العالم 1994 بالولايات المتحدة، ارتفع معدل التسجيل إلى 2.7 هدف في المباراة، وهو الأعلى منذ نسخة 1970. الكثير من الخبراء يعتبرون هذا التغيير أحد أفضل التعديلات في قوانين كرة القدم الحديثة، حيث جعل اللعبة أكثر ديناميكية وإثارة.
بيتر شمايكل، من دون أن يدري، كان محور هذا التحول التاريخي. قصة انتصاره مع الدنمارك في يورو 1992 تبقى واحدة من أعظم القصص في تاريخ كرة القدم، لكن تأثيره على قواعد اللعبة نفسه كان إرثاً أكثر ديمومة، غير وجه كرة القدم إلى الأبد.
